الأحد، 8 مايو 2011

العلمانية هل هى حقا فصلا للدين عن الدولة ( 6 )

وقفنا فى الحلقة الماضية من موضوعنا عن العلمانية عند إستنتاج أن  لقب " رجال الدين " في المسيحية لايعني - بالضرورة - أن حامله اكثر علما بالدين من غيره ، أو اكثر التزاما بأحكام الدين من الآخرين ، وإن كان كل ذلك مفترضا. وهذا يعني أن علمهم لم يكن هو مصدر قوة سلطانهم ، بل كان لسلطانهم مصدر قوة آخر سنعرفه .
وقد يكون مفيداً ، لاكمال فكرتنا عن دلالة " رجال الدين " في المسيحية ، أن نتحرر من القياس على " الراهب " العابد الزاهد المنعزل عن الدنيا وما فيها من مغريات مادية وغير مادية . لم يكن " رجال الدين " الذين نتحدث عنهم رهبانا ولا مترهبين بل كانوا موظفين ، وفي مقابل أجور أيضا . ولقد كانوا يأكلون ويشربون ويلبسون ويسكنون أفضل مما كان متاحا للعامة من الناس ، وكانوا يقيمون الكنائس الشامخة ويستأجرون لتزيينها أعظم الفنانين . وكانوا يعقدون الاجتماعات وينتقلون بين المدن والممالك ويكتبون وينشرون ثم - في مرحلة تاريخية طويلة - يجندون الجند ويعدّون الجيوش ويدفعون اثمان عتادها وخيلها وسفنها ورواتب جندها الكثيف . وكان لابد لكل ذلك من مصادر تمويل كافية ومستقرة الكفاية . وبدأت المصادر بتبرعات المؤمنين . ومن المؤمنين ملوك وأمراء ونبلاء واقطاعيون أسخياء في التبرع لمن يملك حق الاباحة والتحريم ويزدادون سخاء لو كانوا منافقين . ثم امتدت المصادر تبعا لما قرره رجال الدين من انهم اصحاب حق في أن يحصلوا من الأموال والعقارات على ما يقدّرونه لازماً وكافياً لأداء خدماتهم " الروحية " وحماية الدين من الهرطقة ، واستطاعوا فعلاً أن يكونوا أوسع الناس ملكية للأراضي وأغناهم أموالا وأن يحصنوا أملاكهم ورعاياهم ضد أية ضرائب أو مكوس مما تتقاضاه السلطة المدنية ، بل وأن يمتلكوا الممالك ذاتها ثم يردوها إلى الملوك اقطاعيات من عندهم مقابل إتاوات باهظة ، كما فعلوا مع فريدريك الثاني ملك ايطاليا ، ومع بدرو الثاني ملك أراغون ، ومع ملك انجلترا الذي استحق لقب " جان عديم الارض " بعد أن أجبره رجال الدين على التنازل عن ارض انجلترا كلها للبابا .
 في اطار العناصر السابقة مجتمعة ( الناس والأرض والسلطة ) نستطيع أن نعرف أنّ " رجال الدين " في المسيحية لم يكونوا إلا العنصر البشري من مؤسسة هائلة ذات سلطة ومال تشملهم وتوظفهم في مباشرة سلطات دينية وتشريعية وقضائية وادارية ومالية وعسكرية ، وتحفظ بهم لنفسها وتستثمر مناطق جغرافية شاسعة وأموالاً منقولة وعقارات ثابتة تمتلكها ملكية خاصة . كل ذلك تحت قيادة مركزية واحدة تتبعها أجهزة مختلفة الوظائف يؤديها رجال الدين . تلك المؤسسة هي " الكنيسة " . وكما أن الكنيسة بهذا المعنى ليست هي مكان العبادة المعروف ، بل هي المؤسسة التي يتبعها " رجال الدين " فإن " رجال الدين " ليسوا هم العلماء بالدين المعروفين ، بل هم رجال الكنيسة المؤسسة التي يستمدون من قوة سلطانها قوة سلطانهم . هكذا تجسد في الواقع الاجتماعي مبدأ : " اعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله " الذي أوصى به السيد المسيح عليه السلام فهو " اعطوا ماللدولة للدولة وماللكنيسة للكنيسة " . اي الفصل بين نشاط الكنيسة وبين نشاط " الدولة " وهو المدلول الصحيح لمبدأ " العلمانية " .

الصراع

 إن تاريخ المبدأ " العلماني " ( الفصل بين الكنيسة والدولة ) في أوروبا المسيحية حتى نهاية القرن الثامن عشر هو تاريخ الصراع بين الكنيسة " والدولة " وهو صراع لم يهدأ إلا في الفترات التي سيطرت فيها احدى المؤسستين على الأخرى ، أي فترات هزيمة المبدأ ذاته في الواقع بالرغم من بقائه على المستوى النظري كلمات ذات قدسية غير منكورة .
فلقد بدأ نشاط الكنيسة التي اسسها السيد المسيح عليه السلام على ايدي الرسل من تلاميذه في ظل سيادة دولة طاغية هي الامبراطورية الرومانية ، يحكمها أباطرة طغاة من امثال كاليجولا وكلوديوس ونيرون . ولما كان الفصل بين الكنيسة والدولة يفرض على رجال الدين أن يتركوا ما لقيصر لقيصر فقد اتجهت تعاليمهم إلى احترام وطاعة السلطة الحاكمة حتى حينما يكون الحكم جائرا . كذلك قال بولس ان من يقاوم السلطة يقاوم ارادة الله ويستحق إدانة الكنيسة . وحينما سجنه الامبراطور سيزاريا لم يدافع عن نفسه إلا بقوله : " إلهي فلتكن مشيئتك " . إن هذا الموقف سيتغير فيما بعد . لا لأن المسيحيين سيغيرون عقيدتهم ولكن لأن موازين القوى ستتغير . ولقد كان المسيحيون على عهد الرسل مجردين من أية قوة تحميهم من بطش الاباطرة الطغاة فذهبت أجيال منهم ضحايا السجون والتعذيب الوحشي والقتل الجماعي . لقد أعطوا ما لقيصر التزاما بموقفهم الديني في الفصل بين الكنيسة والدولة ؛ ولكن " الفصل " أو " الاستقلال " علاقة ذات طرفين لايتوقف نفاذه على إرادة طرف واحد . وإذا كان المسيحيون الاوائل قد التزموه واعطوا مالقيصر لقيصر فإن القياصرة قد نقضوه فلم يعطوا ما لله لله بل أبادوا كلّ من استطاعوا أن يبيدوه من الدعاة للدين المؤمنين بالله . فانهزم المبدأ وأصبح الخيار الوحيد المتاح للمسيحيين الاوائل ليس بين الكنيسة والدولة ولكن بين الكفر والايمان . فاختاروا الايمان واستشهدوا في سبيله وشهد لهم التاريخ ، واشاد ببطولاتهم في مواجهة الموت . وكان حقاً ما قاله الاب المسيحي لويجي تاباريللي: " اننا نؤكد أن المسيحيين في ظل القياصرة كانوا يموتون لأنه كان واجبا دينيا عليهم أن يموتوا " .
 نقول تغيرت المواقف بعد ذلك حين أصبحت المسيحية هي دين الامبراطورية في عصر البابوات
( رؤساء الكنيسة الكاثوليكية ) . تغيرت ولكن مع الابقاء - على المستوى النظري - على المبدأ ( العلماني ) فصل الكنيسة عن الدولة . وتبادلت المؤسستان ، من خلال الصراع بينهما ، موقع الصدارة والسيطرة وإن كان الاتجاه العام لنمّو القوة في صالح الكنيسة حتى القرن السادس عشر . ولقد أشرنا من قبل إلى فترات تاريخية طويلة كان ميزان القوة لصالح الاباطرة في الامبراطورية البيزنطية والرومانية كلتيهما وإلى فترات أخرى كان البابوات فيها اصحاب الغلبة على الملوك والممالك
وانعكس ذلك الصراع على التيار الفكري الذي صاحبه وغذّاه .
  ففي القرن الخامس بدأ   بتذكير الامبراطور بأن ثمة سلطتين تحكمان العالم : السلطة المدنية والسلطة الدينية ، وأن السلطة الدينية تتحمل مسؤولية أثقل ، إذ انها تعنى بالجانب الخالد من الانسان وهو الروح . والخلود مصير الانسان . وما الحياة الدنيا إلا مرحلة اختيار وتحضير للحياة الآخرة . وبالتالي فان القانون الالهي أسمى من أي قرار أو أمر يصدره إنسان . وأبدعت الكنيسة تفسيراً لحقها في السيطرة النظرية المعروفة باسم " نظرية الحق الالهي " . أو ( مذهب آباء الكنيسة ) . مؤداها أن الحكم لله وحده وأنه يختار لادائه في الارض من يشاء ، فيصبح حاكماً بأمر الله . والمميز لها أن الاختيار يتم مباشرة لشخص بعينه على وجه يجعله قريباً من معنى " الانتقاء " . ومن هنا جاءت كلمة " سيادة " في اللغات ذات الاصل اللاتيني إذ أنها تعني في أصلها " المختار من الله " لم تدخل هذه الكلمة لغة القانون إلا في القرن السادس عشر .

وللحديث بقية

هناك تعليق واحد:

  1. تحياتي للجميع، يقولون أن الحياة مليئة بالخداع. لا يمكن مقارنة أي عذاب أو ألم بما قام به نصر يوسف. الخبرة في أيدي المحتالين، والجزء الأكثر إزعاجًا في الأمر هو أن شخصًا ما ينشر دائمًا تلقي قرض منهم، وهذا ليس سوى أكاذيب واستراتيجية لخداع وابتزاز الناس لكسب المال بصعوبة. لقد كنت ضحية عدة مرات بسبب ذلك، بعد قراءة منشور عنهم، انتهى بي الأمر إلى الوثوق بهم دون التحقق، لقد خسرت أكثر من 12500 دولار أثناء سعيي للحصول على قرض، لقد بعت سيارتي وتخلفت عن سداد فواتيرتي ولكني استمر في الوقوع ضحية كانت الحياة قطعة من القمامة مليئة بالفوضى. لقد ترك أطفالي المدرسة، وحرمني البنك الذي أتعامل معه من الائتمان لأن درجة الائتمان الخاصة بي كانت منخفضة بالفعل بعد أن تركت البنك بقلب مكسور، اقترب مني أحد الموظفين في البنك وقالوا إن هناك مؤسسة مالية تسمى مؤسسات الائتمان للقروض التي تقول نعم حتى عندما تقول البنوك والمؤسسات المالية الأخرى لا. لقد نصحتني بأن أحاول أن أكون صادقًا، فقد كنت متشككًا جدًا في مغادرة البنك دون أن أقول لها كلمة واحدة. لقد مر شهر بعد دخول ابني الأكبر إلى المستشفى وهو ينظر إلى الأعلى والأسفل، لا شيء لدفع فاتورة المستشفى، محطمًا ومرتبكًا، ثم تذكرت ما أخبرني به موظفو البنك وذهبت بسرعة إلى البنك لأتوسل إليها واستفسر عن كيفية القيام بذلك. للاتصال بمؤسسات ائتمان القروض وأعطتني التفاصيل وهي البريد الإلكتروني: (loancreditinstitutions00@yahoo.com) whatsapp/ أرسل رسالة نصية لخدمة العملاء من خلال +393512640785. بعد اتباع الإجراءات الواجبة والامتثال لسياستهم في أقل من 96 ساعة، تمت الموافقة على رصيدي وتحويله إليّ. تقدمت لاحقًا بطلب للحصول على قرض منزلي ومشروع تجاري بقيمة 350,000.00 دولارًا أمريكيًا، والذي أحصل عليه وأحصل على منزل في الغردقة، الدهار. مؤسسات الائتمان القروض هي الأفضل. خدمة عملاء واتساب: 393512114999+. في الواقع يقولون نعم عندما يقول البنك الذي تتعامل معه والمؤسسات المالية الأخرى لا.

    ردحذف

إترك تعليقك هنا